بسم الله الرحمن الرحيم
التقت ثلاث عجائز تحت شجرة الأمنيات، وهي شجرة إذا قصدها أحد وتمنّى شيئاًما تحت ظلها تحقق له ما تمنّاه، وهكذا بدأت كل واحدة من العجائز تتمنى شيئاً.
وتمنت الأولى فقالت: أطال الله عمر ولدي، ليشتري لي الثوب والعصابة. وتمنتالثانية فقالت: أطال الله عمر ولدي ليشتري لي الخبز والكباب، وتمنت الثالثة فقالت: أطال الله عمر ولدي ليزوجني من شيخ الشباب، ثم رجعت كل واحدة منهن إلى بيتها.
واستجاب الله دعاء العجائز، فإذا ولد الأولى قد اشترى لها ثوباً وعصابةتعصب بها رأسها، وإذا ولد الثانية يدخل عليها ذات يوم وهو يحمل الخبز والكبابالمشوي، وإذا ولد الثالثة يقول لها ذات يوم: "لقد علمت برغبتك يا أمي في الزواج منشيخ الشباب، فهيا لأحملك إليه".
ثم إن الولد حمل أمه على ظهره، ومشى بها،وهي تسأله من حين إلى آخر إن كانت قد وصلت، وهو يجيبها بأن الطريق ما تزال طويلة،ثم إنه وصل بها إلى مغارة كبيرة، أدخلها إليها، ثم أنزلها عن ظهره، وقال لها: "هذاهو بيت شيخ الشباب"، فعجبت الأم من العتمة التي فيه، فأجابها بأن الزوج الذي تنتظرهسيأتي بعد حين يحمل قنديلين يتوهجان، فيضيء المكان، وستلحق به الطبول، ثم ودّعهاوخرج.
وبعد قليل جاء الزوج المنتظر، ولم يكن سوى الضبع، ودخل المغارة،وعيناه تقدحان شرراً، فظنتهما قنديلين، وضرب الأرض بذيله، فظنته صوت الطبل، ثم أقبلعليها، فضربها بقدمه في صدرها، فظنت أنه يغازلها، ولكنه عاجلها بضربة ثانية فقضىعليها، ثم أخذ يلتهمها.
وفي اليوم التالي جاء الولد ليطمئن على أمه، فلمير سوى ثيابها الممزقة وبقايا عظامها، فحزن عليها كثيراً، فحمل العظام، وواراهاالقبر، وهو يرجوها أن تسامحه.
وفي طريق العودة التقى بالعجوزين اللتينكانتا معها تحت شجرة الأمنيات، فلما سألتاه عن أمه، أخبرهما بمصيرها، فضحكتاكثيراً، وقالتا: "من كانت في مثل عمرنا فما عليها أن تتمنى سوى لقاء وجه ربها"، ثمأكدتا له أنه لم يخطئ فيما كان قد فعل.
تعليق:
تدل الحكاية بشكلواضح على ازدياد التعلق بالحياة لدى بعض العجائز من رجال ونساء، وكلما تقدم بهمالعمر، وأحسوا بدنو الأجل، وكأنهم يريدون أخذ نصيب أوفى من الدنيا، والتمتع بها قبلالزوال، فيكون هلاكهم في رغبتهم، لأنهم أضعف من أن يقدروا على تحقيقها
منقوووووووووول